الأحد، 26 فبراير 2012

عندما لبست البرقع في سوق البدو





الكاتبة الأمريكية : تانيا سي هسو ....عندما لبست البرقع.....في سوق البدو


خطاب مفتوح للسعوديين


بقلم : تانيا سي هسو «نقلاً عن عرب نيوز »




لقد شعرت بالغضب والإحباط بعد عودتي من المملكة العربية السعودية التي أمضيت فيها أربعة أسابيع مرتدية العباءة والحجاب.. ونظراً لأنني محللة متخصصة في شؤون المملكة العربية السعودية فلقد عرفت الكثير مسبقاً مما هو متوقع مني عمله ولم يمثل ارتدائي للحجاب وعدم تمكني من قيادة السيارة خلال المدة التي قضيتها هناك أي مشكلة بالنسبة لي وبعد أربعة أسابيع طرت إلى أتلانتا مرتدية الحجاب ليس فقط لأختبر رد فعل الأمريكيين، ولكنه لأنه كان مريحا وعمليا، ولقد أضفت لحجابي في سوق البدو بالرياض البرقع وأدركت ولأول مرة في حياتي بأن الرجال يتحدثون إلي مباشرة بكل احترام وتقدير دون أن يكون لجسدي كامرأة اثر في ذلك التقدير.


ويرجع سبب حضوري للمملكة أنني قد تلقيت دعوة بعد أن انتهيت من إعداد كتاب لي عن المملكة لحضور منتدى حوار محلي نشط بجدة ولقد قررت إن أمكث هناك قليلا لأجمع المادة الخاصة بكتاب آخر لي عن المملكة، وقابلت خلال تلك الفترة أناساً من جميع مشارب الحياة، منهم الغني ومنهم الفقير ومنهم الأمهات ومنهم النساء العاملات ومنهم النساء الناجحات والأخريات العاطلات عن العمل ومنهم الأميرات ومنهم البدويات البائعات في الأسواق ومنهم ما هو بين هذا وذاك.


 والتقيت سعوديين أصليين وسعوديين مجنسين وأجانب، وعشت مع أسر سعودية كان يستخدم البعض منها الخدم والآخر بدون خدم وكانوا جميعاً منفتحين وتواقين لمشاركة 
الرأي معي، لقد تنقلت بحرية عبر البلاد وجلست على موائد الطعام الفاخرة ليلياً في منازل السعوديين ولم يكن باستطاعتي أن أتهرب من مثل هذه الحفاوة والكرم . 


وفي الرياض اعتدت على استخدام مكتب أحد الأصدقاء لمدة أسبوعين وكان يتم التعامل معي بطريقة متكافئة مع الرجال وتم اطلاعي على مناقشات تجارية على مستوى عال، لقد توقعت بعد هذه الزيارة أن أعود للولايات المتحدة وأنا في موقف دفاعي أفضل خاصة وأنني قد حاولت بعد أحداث 11 سبتمبر وبدون جدوى أن أشرح أوضاع المملكة للشعب الأمريكي الذي أظهر عدم رغبته في الاستماع أو الفهم بعد أن أصبح هدفاً لتلك الهجمات، وواجهت صعوبة في ممارسة مهنتي لإصراري على إيضاح بعض القضايا السعودية للشعب الأمريكي.


 ولقد شعرت بأن من الممكن أن يلقى الشخص قبولا إذا كان معادياً للحرب أو معارضاً لجورج بوش أو مؤيداً للفلسطينيين، ولكن لا يلقى أي قبول من أي طرف سياسي داخل الولايات المتحدة إذا ما كان موالياً للسعوديين والذي يعني مضاجعة العدو أو عبادة الشخص، ولا يوجد سوى تغطية إعلامية بسيطة ومحدودة للمملكة في الغرب في مواضيع غير مواضيع التجارة والنفط وإعلان الإصلاح.


 ولاحظت وللأسف بأنه يوجد داخل المملكة وعلى الرغم من مشاهدة السعوديين للقنوات الفضائية ومطالعتهم الصحف واستخدامهم للإنترنت عدم مواكبة للأحداث ولاحظت ذلك حتى في مكتبة «جرير» التي لا تعرض سوى كتب عن الرحلات والتصوير وحياة أشخاص تاريخيين مثل «جيرتريد بيل وهاري فيلبي» ولكنها لا تعرض مادة سياسية 
للجمهور التواق للمعرفة السياسية ويعتبر ذلك في حد ذاته مناقضاً للمنطق في هذه المرحلة.


ولقد واجهت بعض المضايقات بسبب اقفال المحلات أوقات الصلاة  فالوقت في الولايات المتحدة يمر بطريقة مختلفة حيث نسارع في الانتقال من مكان لآخر مما يوصلنا للإجهاد وحافة الانهيار، بينما شاهدت الأسر في جدة تسير في مجموعات مسترخية على الكورنيش بينما يلعب أبناؤهم بالطائرات الورقية أو يركبون الحمير أو يعدون اللحم المشوي في الهواء الطلق بعيداً عن الموسيقى الصاخبة التي تصك الآذان في الشوارع الأمريكية الرئيسية التي يشغلها المراهقون في سياراتهم المسرعة. 


والسؤال هو:
ما الذي جعلني أشعر بالغضب؟


 لقد ظل هناك سؤال يطاردني لم أحصل على جواب له خلال جميع مناقشاتي التي جرت بالمملكة فعندما كان يوجه سؤال لشخص حول أسباب شعوره بالفخر لكونه سعودياً كان من الإجابات الشائعة أن السبب في ذلك هو كونه مسلماً أو عربياً مثلما أن المملكة هي موطن الحرمين الشريفين ولكنني لم أتلق إجابات حول القومية والروح الوطنية السعودية.


ألا تروا ما في هذه الناحية من معنى؟ 


لقد ظللتم ولسنوات عديدة ماضية تعتذرون علانية عن بعض أعمال العنف التي وقعت بالمملكة والافتقار للإصلاح أو بطء حركة التغيير وسمعت مراراً وتكراراً عن الشعور باليأس الذي أعمى عيونكم عن رؤية ما يجري أمامكم من خطوات تغيير ونمو وإنشاء مؤسسات جديدة وجهود إصلاحية.


 إن لديكم أشياء كثيرة تجعلكم تشعرون بالفخر ولكن أدبكم الجم ورقتكم قد سمحت للغرب بأن يطأكم بقدميه وان يصفكم بأنكم مصدر تهديد للديمُقراطية وللعالم.


 يجب عليكم أن ألا تسمحوا بأن يستمر مثل هذا الشيء. وعليكم أن تسعوا للتقليل من 
المشاعر المعادية تجاه السعوديين والتوقف عن إعادة تأكيد نقاط ضعفكم. إنكم أمة عزيزة ولذلك فعليكم أن تترجموا مشاعر الاعتزاز والفخر ببلدكم من خلال العمل وليس فقط من خلال المشاعر. 


عليكم أن تشرحوا للعالم كيف أنكم تحترمون النساء وكيف أن بلدكم خالياً نسبياً من الجريمة. وكيف أنها آمنة وكيف أنكم تمنحون الأسرة الأولوية في الاهتمام. عليكم أن تخرجوا عن صمتكم وان تتساءلوا كيف إن الولايات المتحدة الدولة الرائدة في الجريمة وفي الاغتصاب وفي العنف المحلي تجرؤ على اتهامكم بانتهاك حقوق الإنسان.


 عليكم أن تسألوا كيف يدافع الأمريكيون عن تنفيذ أحكام الإعدام بقتل النساء والقاصرين والمتخلفين عقلياً بالكرسي الكهربائي.


 وعليكم أن تبينوا كيف أن ديمُقراطية الولايات المتحدة تسمح بتصدير أكبر صناعة للصور العارية في العالم.


 فلماذا ينتقدون المملكة بسبب القيود التي تفرضها للحفاظ على الأخلاق؟ وعليكم أن تبينوا لهم كيف أن باستطاعة أي سعودي أن يترك محفظة نقوده أو الكاميرا الثمينة على المقعد الأمامي بالسيارة كما فعلت ويعود ويجدها في نفس مكانها بينما ينهمك الأمريكيون في استخدام أجهزة الإنذار لإبعاد اللصوص، كما وينتشر المجرمون الذين يسيئون للأطفال في كل حي.


 وعليكم أن تبينوا لهم بأنكم تطبقون إجراءات أمنية صارمة وفريدة لمنع تكرار وقوع أعمال عنف حول بعض المجمعات السكنية كالتي وقعت في السابق فهناك على سبيل المثال مجمع سكني بالخبر محاط بخمسة جدران أمنية وعربات مدرعة وآخر محاط بثلاثة أنواع من التحصينات لضمان عدم عودة المجرمين مرة ثانية لمكان جريمتهم السابقة .


فلماذا مثل هذا الشعور بالخوف من قبل الأمريكيين الذين يعملون الآن بالمملكة ؟


وعليكم أن تبينوا للأمريكيين بأن العديد من الراهبات والقساوسة والمستوطنين اليهود والحاخامات والكاثوليكيين يغطون رؤوسهم ولكن تغطية المرأة السعودية لرأسها يعتبر مظهراً من مظاهر الظلم؟


 ولماذا يعتذر السعوديون عن بطء خطوات التقدم بينما استغرقت الولايات المتحدة مائتي عام لمنح المرأة حق الاقتراع إذ لم يتم ذلك سوى في عام 1920م؟. 


وعليكم أن تبينوا للأمريكيين بأنهم يميزون بين الرجل والمرأة في الدخل بينما وظف الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) للعمل في التجارة من قبل زوجته الأولى خديجة التي كانت امرأة ناجحة تماماً في أعمالها التجارية. كما خرجت زوجة أخرى للرسول هي عائشة جنباً إلى جنب معه في إحدى الغزوات والذي يدل على أن الإسلام يمنع العنصرية والتمييز ضد المرأة.


 وعليكم أن تبينوا للأمريكيين كيف انه لم يتم إلغاء التفرقة العنصرية ضد السود سوى عام 1963م بعد سلسلة من الاضطرابات وأعمال العنف؟. كما ولا يزال التمييز شائعاً ضدهم ولا يتم الاختلاط بهم من الجنس الأبيض بحرية. 


ولماذا تعطي الولايات المتحدة نفسها الحق في مهاجمة أي بلد عربي بينما لم يسبق وان وجهت أي دولة عربية تهديداً للولايات المتحدة فهل هذا من الديمُقراطية في شيء؟ 


والأهم من ذلك هل هذا هو الشيء الذي تريدونه؟ بالطبع هناك أشياء عديدة تحتاج لإصلاح داخل المملكة وكل الدول تشهد صعوداً وهبوطاً ولا يوجد فارق كبير بين الروتين في المملكة أو السويد أو فرنسا وكذلك فإن الوزراء بتلك الدول كما هو بالمملكة يستقرون في مناصبهم ويقومون بأدوار في أجهزة الحكومة وليس لديهم الرغبة في التغيير.


وان لديكم أيها السعوديون مجموعة جاهزة من المطوعين أو المطوعات الذين يمكن استخدامهم لتحسين المستويات الأخلاقية للناس من خلال إبراز أن القيادة المتهورة محرمة في الدين لأنها قد تقود إلى إهدار أرواح الآخرين وتحريم الدين لأن يلقي أي شخص بالأوساخ في الشوارع ويلوث البيئة ويضر بصحة الناس .. 


وأخيراً فإذا ما أصبحت العولمة والتكنولوجيا سمة من سمات هذا العصر فإن المصلح محمد بن عبدالوهاب قد دعا للإصلاح من اجل وحدة البلاد والعباد في القرن الثامن عشر ميلادي ولذلك فمن الممكن استخدام الاجتهاد والنصوص الشرعية لتوحيد أبناء الأمة من اجل خدمة الإسلام والمملكة والكرامة القومية. 


والحقيقة بأن هناك لغزاً كامناً في المملكة ربما يكون في طبيعة الناس أو ربما في طبيعة التاريخ أو ربما في طبيعة الأرض ولكن لو انه أتيحت لي الفرصة للبقاء مدة أطول في المملكة لربما واصلت البحث حتى تحصلت على الإجابة لمثل هذا اللغز وهو أنني اشعر بأن جزءاً من قلبي قد ظل ورائي في المملكة ولكنني آمل أن أتمكن من العودة سريعاً للمملكة لمعرفة السبب في ذلك .

انتهى كلامها أصلحها الله وهداها للإسلام

أيتها الأمة السعودية 
أما أن لكِ أن تعتزي بدِينك وبما هو موجود لديكي من قيم وأخلاق وتحافظي عليها 
أما آن لكِ أن تضربي بيد من حديد على من يهدر مدخرات الوطن على حِساب تضخم جيبه


أخر شيء 

" لن تنشأ حضارة وتبنى دولة في ظل إنعدام الأمن " مستور العبدالله

هناك 4 تعليقات:

  1. يابلادي واصلي27 فبراير 2012 في 10:29 ص

    السلام عليكم

    بعد قراءتي لمقال تانيا والتي ادعو من الله ان يهديها ويشرح صدرها للاسلام
    خرجت بمشاعر مختلطة
    شيء من النشوةوقليل من الأسى وكثير من العزة
    وكم اتمنى ترجمة هذا المقال ان لم توجد له ترجمة
    لانشره واطلع عليه كل امريكي متعصب
    اشعر بالأسى لان ملامح وطني التي اعشقها
    بدأت تتغير على أيدي بعض المفسدين
    اسئل الله ان يرد كيدهم في نحورهم
    ولابتعادناعن كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بدأنا نرى جرائم ترتكب وفساد ينتشر
    لم نكن نعهدها منذو وقت قريب ولكن لله المشتكى وحسبنا الله

    شكرا للكاتبة
    وشكرا استاذ مستور (:

    ردحذف
  2. مستور العبدالله28 فبراير 2012 في 9:34 م

    أهلا عزيزي

    لقد حاولت ( تانيا) أن توضح الأمر لبني جلدتها ولكن تأثير الإعلام عليهم قوي ، فهذا السلاح الذي يجب أن نستغله نحن.

    ويابلادي واصلي في القضاء على الفساد .

    دمتم بكل الحب

    ردحذف
  3. الحمدلله في بلادنا يوجد الكثير من الاشياء التي هي مصدر فخر لناوعزة
    ولكن للاسف هناك من يضخم الشيء السلبي ويحقر الشيء الايجابي وكأن من المسلمات ان يكون لدينا هذا الشيء ومن المفروض الا يكون لدينا ذاك ....كلا على حسب هواه...
    المشكله لدينا اننا شديدي الانبهار بالغرب وما عندهم من حضارة وعلم دنيوي لكن لدينا نحن ماهو اعظم واجل... لدينا ديننا وثوابتنا وقيمنا وعاداتنا التي اساسها مرتكزات عقائديه دينيه جاءت من شريعتنا
    نحن قوم اعزنا الله بالاسلام فاذا اردنا العزة بغيره اذلنا الله

    ردحذف
  4. مستور العبدالله29 فبراير 2012 في 3:47 م

    كلام جميل يا أخت rose

    فلا يضر أن نُعجَب بما وصل له الغرب من تقدم في المجال المادي.
    أما الانبهار بهم فهذا يجعلك تحتقر ككل ما يعمله وطنك لكي يتقدم هذا على مستوى الدولة .

    أما على مستوى الأفراد فمِنا من يعجب بنظامهم ودقت مواعيدهم واحترامهم للنظام فإذا ذهب إلى ديارهم طبق ما يعملون أما إذا عاد لوطنه فبدل أن يلتزم بالنظام تجده يخالف ويقول هذا المجتمع ما يصلح معه إلا كذا فينشاء ولده على هذا السلوك وينسى هذا الصعلوك أن رجال اليوم هم أطفال أمس وأن أطفال اليوم هم رجال غدا .
    وبعض المبتعثين يجلس أكثر من سنة وحينما يرجع لا يحمل معه إلا الافكار التعبانة أما من ناحية القيم الراقية أو احترام الانظمة فلا يحملها معه.

    دمتي بخير

    ردحذف