الثلاثاء، 20 ديسمبر 2011

رجلٌ لا يُقدر بثمن


بسم الله الرحمن الرحيم


في زمنٍ طغت فيه الماديات ،وأصبح الرجل يُقدر بما يملك منها ،أنجبت لنا أمة الإسلام- وهي أمة ولادة للعظماء في كل وقت- أنجيت لنا رجلا لا يقدر بثمن ،رجلا لا أعرف بالوقت الحاضر من يوازيه أو يقترب منه في مجاله .



جميعنا جبلنا على حب الدنيا وزخرفها – و ندعوا الله أن يجعلها في أيدينا ولا يجعلها في قلوبنا- ولكن قلة من الناس من استطاع أن يجعل من عمارة الدنيا عمارا لأخرته قولا وفعلا .


إنني سوف أكتب عن قامة نَدُر أن يجهلها أحد في العصر الحاضر ووجدت أنه واجب علي ذكرها ،وهو الآن في غيبوبة بالعناية المركزة منذ يومين .


إنه عبد الرحمن السميط 


نشأ عبد الرحمن السميط في الكويت وتعلم في مدارسها حتى المرحلة الثانوية ثم ابتُعث في يوليو عام 1972م إلى جامعة بغداد للحصول على بكالوريوس الطب والجراحة. غادر بعدها إلى جامعة ليفربول في المملكة المتحدة للحصول على دبلوم أمراض المناطق الحارة في أبريل 1974 ثم سافر إلى كندا ليتخصص في مجال الجهاز الهضمي والأمراض الباطنية. تخصص في جامعة ماكجل ـ مستشفى مونتريال العام ـ في الأمراض الباطنية ثم في أمراض الجهاز الهضمي كطبيب ممارس من يوليو 1974م إلى ديسمبر 1978م ثم عمل كطبيب متخصص في مستشفى كلية الملكة في لندن من عام 1979 إلى 1980.


ثم عاد إلى الكويت عاملاً فيها بعد سنين الخبرة في الخارج، حيث عمل أخصائيا في مستشفى الصباح في الفترة من 1980 - 1983م، ونشر العديد من الأبحاث العلمية والطبية في مجال القولون والفحص بالمنظار لأورام السرطان.
لم يكن السميط طبيباً عادياً بل طبيباً فوق العادة، إذ بعد أن ينتهي من عمله المهني، كان يتفقد أحوال المرضى، في أجنحة مستشفى الصباح - أشهر مستشفيات الكويت - ويسألهم عن ظروفهم وأحوالهم الأسرية والاجتماعية والاقتصادية، ويسعى في قضاء حوائجهم، ويطمئنهم على حالاتهم الصحية.


كيف كانت البداية ؟


يقول الدكتور السميط :


قبل ثلاثين سنة تقريبا ، اتصل بي أحد الأخوة الأفاضل وذكر لي أن إحدى المحسنات واسمها ” أم علي ” تبرعت لبناء مسجد ، فاقترحنا عليها أن تبنيه في منطقة فقيرة تحتاج لهذا المسجد ولا يستطيع المسلمون هناك أن يبنوه ..


فذهبنا إلى جمهورية مالاوي في الجنوب من قارة أفريقيا .. وصدمنا بما رأينا هناك من مآسي وآلام يعيشها إخواننا ونحن عنهم غافلون ..


مئات الآلاف من الأطفال لم يكونوا قادرين على دفع أبسط التكاليف التي تحفظ كرامة الإنسان مثل  ( علاج مريض بالملاريا لا يكلف أكثر من  10 فلوس أو إطعام جائع وجبة لا تزيد عن 15 فلساً أو دفع الرسوم الدراسية لطالب فقير لا تزيد عن 500 فلس كويتي في السنة ).


.. لقد كنا في غفلة بسبب حياة الرفاهية التي نعيشها في بلادنا حتى انتبهنا بهذه الزيارة .. فكان لا بد لنا من عمل منظم لاستمرار مشاريع الخير لا في مالاوي فحسب بل في قارة أفريقيا ، وفي ذات الوقت كنا نرى الخير في قلوب الناس في مجتمعاتنا والرغبة الأكيدة في الوقوف بجانب إخوانهم ممن لم يمن الله عليهم بمثل ما فضلنا به من خير ..


وبفضل من الله تأسست عام1981 لجنة مسلمي ملاوي ، إلا أن الحاجة كانت في ملاوي وفي غيرها ، فتم في عام 1984 تغيير الاسم إلى ( لجنة مسلمي أفريقيا ) ، وبمرور الوقت أعدنا التفكير في الاسم ، إذ أن برامجنا التنموية و مساعداتنا وصلت للمسلم وغير المسلم ، فاخترنا اسم ( جمعية العون المباشر ) وكان ذلك في عام 1999 ، وبتوفيق الله أولاً ثم دعاء الخيرين من أمثالكم نمت هذه المؤسسة حتى غدت شجرة كبيرة تظلل الملايين من المستفيدين من خدماتها الإنسانية والاجتماعية والصحية والتعليمية ومن مساجدها ومدارسها وآبارها ومشاريعها الخيرية المختلفة .


وختاماً .. لا نملك إلا أن نرفع أيدينا شكراً لله الذي فتح أعيننا على طريق الخير .. وجزى الله خيراً الأخت ” أم علي ” وأمثالها ممن شجعنا ودعمنا للسير في أعمال الخير .. ونسأل الله أن يجمعنا وإياكم في ظل رحمته يوم القيامة.


تتواجد مكاتب جمعية العون المباشر في الدول التالية :


1- السودان  2- الصومال 3- تشاد 4- النيجر 5- موريتانيا


6- أثيوبيا 7- جزر القمر   8- مدغشقر 9- ملاوي 10- غانا


11- مالي   12- أوغندا 13- بنين  14- بوركينا فاسو 15- كينيا


16- السنغال 17- توغو 18- غامبيا 19- غينيا بيساو 20- رواندا


21- زامبيا 22- غينيا كوناكري 23- زنجبار 24- سيراليون 25- تنزانيا


26- جنوب أفريقيا 27- موزمبيق 28- زيمبابوي 29- أفريقيا الوسطى


* لم يتركه العلمانيين والليبراليين ممن جعلوا دأبهم الهجوم على الإسلام ومحاولة طعن العمل الخيري على مدى سنوات طويلة


فكتب لهم رسالة شكرٍ يقول فيها :


وبعد كل مرة ينشر هؤلاء مقالاً من هذا النوع ، كان الشعب الطيب يرد بطريقته الخاصة ... !!! إذ نلاحظ زيادة في التبرعات ردًا على هذه المقالات ... وكان أهل الكويت يصوتون برفض ما كتبه هذا أو ذاك ..


قبل أيام كتب أحدهم مقالاً في إحدى الصحف اليومية يطفح بالكراهية وينم عن الحقد ، وجاءني العشرات يحملون شيكات التبرع أو رزم التبرعات .... والكثير منهم يبدي استياءه مما كتب .....


وقبل سنوات كتب أحدهم مقالاً فاض بالاتهامات الباطلة الموجهة للقائمين على العمل الخيري ، ولاحضت زيادة في عدد المتبرعين ، ولكن الذي أثار انتباهي إحدى الأخوات الكريمات التي كان واضحا من ملابسها أنها غير متدينة ، بل لم تكن تعرف الفرق بين الزكاة والصدقة ، سلمتني عشرين ألف دينار كويتي ... !!


وذكرت أنها استاءت من مقال هذا العلماني .. وهو ما دعاها إلى التقدم بهذا التبرع ، وبعد مدة رأيتها محجبة ملتزمة ...


ولا زلت أتذكر أن أحدهم كتب مقالا طويلاً يتهمني فيه بأنني من تجار الدين ... فزارتني إحدى الأخوات الفضليات تكاد تنفجر من الغضب على ما نشر وتتبرع بمبلغ يزيد عن 70 ألف دينار كويتي ، وتذكر أنني حر في التصرف فيه وهي تقدم تبرعها كل سنة منذ ذلك الوقت حتى الآن .....


وقبل مدة ظهرت في برنامج تلفازي حواري ... فاتصل أحدهم يهاجمني بطريقة غير مؤدبة بل ويتهمني بالكذب ... !! واتصل بي أحد الإخوة المحسنين يعلن التزامه بالتبرع بألف دولار أمريكي يوميا .. !!! ولازال محافظا على ذلك الالتزام منذ سنوات ...............


القصص كثيرة والحوادث عديدة ، وما كنا نستطيع أن نحقق ما حققناه من نجاح وانتشار لولا جهد الكتاب العلمانيين والليبراليين في نشر التي أثارت سخط الشارع الكويتي وجعلته يزداد إقبالاً علينا .. !!


شكراً أيها الكتاب على ما تنشرونه من كراهية وحقد أسود ، وكنت أود أن أرسل إليكم هدية جزاء على ما فعلتموه مما كنا نعجز عن تحقيقه مهما فعلنا إعلاميا . فشكرا لكل مواطن ومواطنة أبى إلا أن يرد عليهم بزيادة تبرعاته ودعمنا لنسير من نجاح إلى نجاح .




من أبحاثه العلمية


* الفتحة بين البنكرياس والقولون ـ نشرت في مجلة الجمعية الطبية الكندية في 1/04/1978م.
* سرطان بقايا المعدة بعد جراحة القرحة الحميدة ـ بحث قدم في مؤتمر الكلية الملكية للأطباء في كندا ـ مدينة كويبك ـ فبراير 1979م.
* الفحص بالمنظار للورم الأميبي بالقولون ـ نشر في مجلة منظار الجهاز الهضمي ـ عدد 3/1985م في الولايات المتحدة الأمريكية.
* دراسة أهمية المنظار الطارئ في حالات نزيف الجهاز الهضمي (تطبيقات في 150حالة). “بحث ألقي في مؤتمر الجهاز الهضمي في مستشفى مونتريال لعام 1978م ”.
* فيتامين (B12) كعامل لعلاج سرطان الكبد (لم ينشر).


مؤلفاته 


كتاب لبيك أفريقيا.
كتاب دمعة أفريقيا (مع آخرين).
كتاب رحلة خير في أفريقيا رسالة إلى ولدي.
كتاب قبائل الأنتيمور في مدغشقر.
كتاب ملامح من التنصير دراسة علمية.
إدارة الأزمات للعاملين في المنظمات الإسلامية (تحت الطبع).
السلامة والإخلاء في مناطق النزاعات.
كتاب قبائل البوران.
قبائل الدينكا.
دليل إدارة مراكز الإغاثة.




نال السميط عددا من الأوسمة والجوائز والدروع والشهادات التقديرية، مكافأة له على جهوده في الأعمال الخيرية، ومن أرفع هذه الجوائز جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام، والتي تبرع بمكافأتها (750 ألف ريال سعودي) لتكون نواة للوقف التعليمي لأبناء أفريقيا، ومن عائد هذا الوقف تلقت أعداد كبيرة من أبناء أفريقيا تعليمها في الجامعات المختلفة.


حالته الصحية :


هل تعتقد أن السميط في ريعان شبابه ؟ إنه رجل بلغ 64 من العمر ولكنه شباب الإيمان مع شباب القلب .


هل تعتقد أن هذا الرجل يتمتع بوافر الصحة ؟ إنه رجل صحت عقيدته فزادت همته فأصبح يستلذ بالعطاء .


إليك حالته باختصار :


أصيب السميط بثلاث جلطات في الرأس والقلب إضافة إلى أنه مصاب بداء السكري ويعاني منه منذ فترة طويلة، وأصيب بالملاريا مرتين عندما كان في الكويت، ومصاب بجلطة في القلب عندما كان في الصومال وأجريت له عملية في الرياض، وكسرت فخذه وأضلاعه والجمجمة أثناء قيامه بأعمال إغاثة ومساعدة للمحتاجين في العراق, فضلاً عن آلام التي يعاني منها في قدمه وظهره, وتناوله لأكثر من عشرة أنواع من الأدوية يوماً ومع ذلك لم تثنه هذه المعوقات عن السفر والترحال والبذل في عمله ومشروعه الضخم في تقديم الهِداية ودين الإسلام، والعيش الكريم، ومشاريع التنمية لأناس نسيهم العالم خلف الأدغال. بل كان يوفر الدواء للفقراء ولا يريد أن يأخذ الدواء حتى خاف على نفسه من الموت لأنه كان يهب كل شيء للفقراء ولا يريد أن يأخذ شئ لنفسه.


"لقد تعلمت من لسع البعوض في تلك القرى دروساً في الصبر .. وتعلمت من شح الماء دروساً في اليقين و تعلمت من انقطاع الكهرباء أياماً دروساً في الطمأنينة " فهد عبدالعزيز السنيدي في مقاله بعنوان عندما زرتك يادكتور


أهم وأروع إنجازاته عن طريق جمعية العون من عام 1981 – 2009 :


تم بفضل الله ثم بإحسان المحسنين في الكويت والخليج وكثير من دول العالم إنجاز ما يلي:


بناء 5500 مسجد
توزيع 7 مليون مصحف باللغة العربية واللغات الأفريقية
كفالة أكثر من 50 ألف يتيم تخرج منهم الأطباء والمهندسين والمحامين والذين تولوا مناصب عليا في دولهم ، حيث كان يعيش هؤلاء الأيتام في مراكز الجمعية الثقافية والاجتماعية وتحت إشراف كادر تعليمي وتربوي حديث
بناء وتسيير 840 منشأة تعليمية ابتداء من رياض الأطفال حتى الجامعات يدرس فيها أكثر من نصف مليون طالب وطالبة
دفع الرسوم الدراسية عن 150 ألف طالب محتاج
كفالة أكثر من 3000 طالب للدراسات الجامعية
تقديم أكثر من 700 منحة دراسية للدراسات العليا
ترجمة وطباعة 9 مليون كتاب بـ 22 لغة
بناء 110 مركز تربوي واجتماعي يشتمل على: مدرسة ابتدائية ومتوسطة وثانوية وسكن للأيتام ومسجد ومستوصف وداراً لتدريب النساء الفقيرات ودار للمهتدين الجدد وسكن لمدير المركز وبئر ارتوازي
حفر أكثر من 12000 بئر ماء سطحي وارتوازي لتوفير الماء النظيف لأهالي القرى والمناطق الفقيرة
تنفيذ أكثر من 150 مخيم طبي متخصص لعلاج أمراض العيون
بناء وتسيير 90 مستوصف ومستشفى
كفالة 2000 معلم
إقامة 10 محطات إذاعية في أفريقيا
إقامة 750 دورة للمعلمين وأئمة المساجد وشيوخ القرى
تنفيذ 3 سدود مائية في مناطق الجفاف
إرسال 500 ألف طن من المساعدات والأدوية والأغذية والملابس
قدمت الجمعية عشرات المشاريع ذات الأفكار الجديدة مثل بنك الحبوب الذي استفاد منه عشرات الآلاف من المزارعين الفقراء.
تعقد الجمعية أكثر من 3500 دورة سنوياً تهدف إلى رفع  مستوى الإنسان المحتاج في أفريقيا ويستفيد سنوياً أكثر من 12 ألف شخص في أفريقيا من برامج الجمعية لمكافحة الفقر
تكوين عدة جسور جوية للإغاثة لنقل المساعدات والمعنويات العاجلة إلى مناطق الجفاف والمجاعة والحاجة في مختلف الدول الأفريقية .



أخر شيء


"جعل الله لكل واحد منا قدرات وإمكانيات تختلف عن الأخر ومن توفيق الله للشخص أن يكتشفها ويوظفها في عمل الخير والدعوة إلى الله ، أعلم أنه يستحيل أن نكون جميعنا عبدالرحمن السميط نسخة منه، وإلا اختل توازن الحياة ،ولكن نستطيع أن نكون مثله في مجالاتنا وكذالك أن ندعم هذا الرجل عن طريق جمعية العون ،وهو الآن في غيبوبة منذ يومين وحالته حرجة فادعوا الله له "
                                                                                                                          مستور حامد العبدالله

روابط أنصح بالإطلاع عليها :


عبدالرحمن السميط موسوعة ويكيبيديا
http://ar.wikipedia.org/wiki/عبد_الرحمن_السميط


جمعية العون لمعرفة الانجازات وكيفية التبرع
http://direct-aid.org/cms/?page_id=1272

لمتابعة اخبار  الجمعية على تويتر ومتابعة حالة الدكتور الصحية
https://twitter.com/#!/directaidorg

لقراءة مقال فهد السنيدي عن زيارته للدكتور في إفريقيا
http://www.saaid.net/aldawah/279.htm



دمتم للخير فاعلين ولأمتكم في مجالاتكم نافعين

هناك تعليقان (2):

  1. اسأل الله ان يكتب له الاجر والمثوبه
    والله انه لنعم النموذج في هذه الحياةلمن آثر حب الله والدار الاخرة على الدنيا
    اسال الله ان يغفر له ولنا وان يكثر من امثاله
    فكما قيل الارض مرحومه طالما الاسلام يقام فيها

    ردحذف
  2. مستور العبدالله31 ديسمبر 2011 في 8:32 م

    اللهم آمين .

    ردحذف